الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
1 - المدد في اللغة: ما يمد به الشّيء, يقال: مددته بمدد: قوّيته وأعنته به, والمدد الجيش, يقال: ضمّ إليه ألف رجلٍ مدداً. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. الرّدء: 2 - الرّدء في اللغة: المعين والنّاصر, قال تعالى حكايةً عن موسى عليه السلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} يعني معيناً, وجمعه أرداء. وفي الاصطلاح الأرداء: هم الّذين يخدمون المقاتلين في الجهاد, وقيل: هم الّذين وقفوا على مكانٍ حتّى إذا ترك المقاتلون القتال قاتلوا. (ر: ردء ف 1). والصّلة أنّ كلاً من المدد والرّدء معين ومساعد للجيش.
3 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المدد إذا لحق بالجيش قبل انقضاء الحرب وحيازة الغنيمة فإنّه يسهم لهم, لقول عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه: الغنيمة لمن شهد الوقعة. وإن كان لحاق المدد بالجيش بعد انقضاء الحرب وحيازة الغنيمة لم يسهم لهم, لأنّهم حضروا بعدما صارت الغنيمة للغانمين. وإن كان اللّحاق بعد انقضاء الحرب وقبل حيازة الغنيمة: فذهب بعضهم إلى أنّه لا يسهم لهم لأنّهم لم يشهدوا الوقعة, وذهب آخرون إلى أنّه يسهم لهم لأنّهم حضروا قبل أن يملك الغانمون الغنيمة. وقال ابن عابدين: إذا لحق المقاتلين في دار الحرب جماعة يمدونهم وينصرونهم شاركوهم في الغنيمة, لأنّ المقاتلين لم يملكوها قبل القسمة. وذكر في التّتارخانيه: أنّه لا تنقطع مشاركة المدد لهم إلا بثلاث: إحداها: إحراز الغنيمة بدارنا. الثّانية: قسمتها في دار الحرب. الثّالثة: بيع الإمام لها ثمّة, لأنّ المدد لا يشارك الجيش في الثّمن.
انظر: مقادير.
ا - المد في اللغة: كيل مقداره رطل وثلث عند أهل الحجاز وهو ربع صاعٍ, لأنّ الصّاع خمسة أرطالٍ وثلث. أمّا العجوة فهي ضرب من التّمر, قال الجوهري: العجوة: ضرب من أجود التّمر بالمدينة هي الصّيحانيّة, وبها ضروب من العجوة ليس لها عذوبة الصّيحانيّة, ولا ريّها ولا امتلاؤها, وحكى ابن سيّدة عن أبي حنيفة: العجوة بالحجاز أم التّمر الّذي إليه المرجع كالشّهرين بالبصرة, والنّبتيّ بالبحرين, والجذاميّ باليمامة.
2 - مد عجوةٍ اسم مسألةٍ اشتهرت بهذا الاسم، وصورتها: أن تجمع صفقةً ربوياً من الجانبين واختلف الجنس في الجانبين: كمدّ عجوةٍ ودرهمٍ بمدّ عجوةٍ ودرهمٍ, أو مدّ عجوةٍ ودرهمين بمدّين, أو مدٍّ ودرهمٍ بدرهمين, أو اشتملا على جنسٍ ربويٍّ وانضمّ إليه غير ربويٍّ فيهما: كدرهم وثوبٍ بدرهم وثوبٍ, أو في أحدهما كدرهم وثوبٍ بدرهم, أو اختلف النّوع من الجانبين: بأن اشتمل أحدهما من جنسٍ ربويٍّ على نوعين اشتمل الآخر عليهما, كمدّ تمرٍ صيحانيٍّ ومدٍّ برنيّ بمدّ تمرٍ صيحانيٍّ ومدٍّ برنيّ, أو على أحدهما: كمدّ صيحانيٍّ ومدٍّ برنيّ بمدّين صيحانيٍّ أو برنيّ, أو اختلف الوصف في الجانبين بأن اشتمل أحدهما في جنسٍ ربويٍّ على وصفين اشتمل الآخر عليهما, كصحاح ومكسّرةٍ ينقص قيمتها عن قيمة الصّحاح بصحاح ومكسّرةٍ, أو جيّدةٍ ورديئةٍ بجيّدة ورديئةٍ, أو بأحدهما, فكل هذه الصور باطلة عند الشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة, واستدلوا بحديث فضالة بن عبيدٍ رضي الله عنه قال: «أتي النّبي صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها ذهب وخرز, فأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالذّهب الّذي في القلادة فنزع وحده, ثمّ قال لهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: الذّهب بالذّهب وزناً بوزن» وفي روايةٍ: «ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير فقال النّبي صلى الله عليه وسلم: لا حتّى تميّز بينهما». ولأنّ قضيّة اشتمال أحد طرفي العقد على مالين مختلفين يقتضي أن يوزّع ما في الطّرف الآخر عليهما باعتبار القيمة, والتّوزيع هنا نشأ عن التّقويم الّذي هو تخمين, والتّخمين قد يخطئ خطأً يؤدّي للمفاضلة أو عدم العلم بالمماثلة, وإن اتّحدت شجرة المدين وضرب الدّرهمين, ففي بيع مدٍّ ودرهمٍ بمدّين إن زادت قيمة المدّ على الدّرهم الّذي معه أو نقصت يلزم المفاضلة, وإن ساوته لزم الجهل. والتّفصيل في مصطلح: (ربا ف 38).
انظر: دعوى.
ا - المُدّة لغةً: مقدار من الزّمان يصدق على القليل والكثير, والجمع مدد. ولا يخرج التّعريف الاصطلاحي للمدّة عن التّعريف اللغويّ.
أ - الأجل: 2 - أجل الشّيء: مدّته ووقته الّذي يحل فيه, وغاية الوقت في الموت. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. والصّلة بين المدّة والأجل عموم وخصوص مطلق, فكل أجلٍ مدّة وليست كل مدّةٍ أجلاً. ب - التّوقيت: 3 - التّوقيت لغةً: تحديد الوقت. وفي الاصطلاح: تحديد وقت الفعل ابتداءً وانتهاءً. (ر: تأقيت ف 1). والعلاقة بين التّوقيت والمدّة: أنّ في التّوقيت بهذا المعنى بياناً للمدّة.
تتعلّق بالمدّة أحكام منها: 4 - ذهب جهور الفقهاء إلى أنّ مدّة المسح على الخفّين: يوم وليلة للمقيم, وثلاثة أيّامٍ بلياليها للمسافر, لحديث شريح بن هانئٍ قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفّين فقالت: سل علياً رضي الله عنه فإنّه كان يسافر مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم, فسألته فقال: «جعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيّامٍ ولياليهنّ للمسافر ويوماً وليلةً للمقيم». وابتداء المدّة من وقت حدث بعد لبسٍ إلى مثله في الثّاني أو الرّابع. وقال المالكيّة: لا حدّ في مدّة المسح فلا يتقيّد بيوم وليلةٍ ولا بأكثر ولا بأقلّ. والتّفصيل في مصطلح: (مسح على الخفّين).
5 - لا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة خيار الشّرط إلا أنّهم اختلفوا في مدّته: فذهب أبو حنيفة والشّافعيّة إلى أنّ أكثر مدّته ثلاثة أيّامٍ, وتحسب من العقد. وقال الحنابلة: يشترط في مدّة خيار الشّرط أن تكون المدّة معلومة, طالت أم قصرت, وبه قال أبو يوسف ومحمّد من الحنفيّة, وأجاز مالك الزّيادة على الثّلاث بقدر الحاجة, وتختلف المدد عند المالكيّة باختلاف أنواع المبيع. والتّفصيل في: (خيار الشّرط ف 8 وما بعدها).
6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الإيلاء لا بدّ له من مدّةٍ يحلف الزّوج على ترك قربان زوجته فيها, ولكنّهم اختلفوا في مقدار هذه المدّة: فذهب الجمهور إلى أنّ مدّة الإيلاء أكثر من أربعة أشهرٍ. وقال الحنفيّة: إنّ مدّة الإيلاء أربعة أشهرٍ أو أكثر, وهو قول عطاءٍ والثّوريّ ورواية عن أحمد. فلو حلف: إلا يقرب زوجته أربعة أشهرٍ فإنّه يكون إيلاءً عند الحنفيّة, ولا يكون إيلاءً عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة, وعلى هذا لو حلف الزّوج: إلا يطأ زوجته أكثر من أربعة أشهرٍ كان إيلاءً باتّفاق الفقهاء, وإذا حلف ألا يقرب زوجته أقلّ من أربعة أشهرٍ فإنّه لا يكون إيلاءً عند الجميع. والتّفصيل في: (إيلاءٍ ف 1, 14).
7 - للعدّة مدد تختلف باختلاف نوع العدّة وسببها, فهنالك العدّة بالإقراء, والعدّة بوضع الحمل, والعدّة بالأشهر. وتفصيل ذلك ينظر في مصطلح: (عدّة ف 10 - 19).
8 - اتّفق الفقهاء على أنّ أقلّ مدّة الحمل ستّة أشهرٍ, لما روي أنّ رجلاً تزوّج امرأةً فجاءت بولد لستّة أشهرٍ, فهمّ عثمان رضي الله عنه برجمها, فقال ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: لو خاصمتكم بكتاب اللّه لخصمتكم, فإنّ اللّه تعالى يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَََلاثُونَ شَهْراً} وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فالآية الأولى حدّدت مدّة الحمل والفصال أي الفطام بثلاثين شهراً, والثّانية تدل على أنّ مدّة الفطام عامان, فبقي لمدّة الحمل ستّة أشهرٍ. أمّا أكثر مدّة الحمل فقد اختلف الفقهاء فيها على أقوالٍ. وتفصيل ذلك ينظر في مصطلح: (حمل ف 6 - 7, وعدّة ف 21).
9 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ غالب مدّة الحيض ستّة أيّامٍ بلياليها أو سبعة. واختلفوا في أدنى مدّة الحيض وأكثرها على أقوالٍ تفصيلها في مصطلح: (حيض ف 11, وطهر ف 4).
10 - يرى الفقهاء أنّه لا حدّ لأكثر الطهر وأنّ غالب مدّته عند الشّافعيّة والحنابلة أربعة وعشرون يوماً, أو ثلاثة وعشرون يوماً بلياليها. واختلفوا في أقلّ مدّة الطهر بين الحيضتين على أقوالٍ: فذهب الحنفيّة والمالكيّة على المشهور والشّافعيّة إلى أنّ أقلّ طهرٍ بين حيضتين خمسة عشر يوماً بلياليها, وذهب الحنابلة إلى أنّ أقلّ الطهر بين حيضتين ثلاثة عشر يوماً. والتّفصيل في مصطلح: (طهر ف 4, حيض ف 24).
11 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا حدّ لأقلّ النّفاس. أمّا أكثره فقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ أكثر مدّة النّفاس أربعون يوماً. وذهب المالكيّة والشّافعيّة: إلى أنّ أكثر مدّة النّفاس ستون يوماً, وغالبه أربعون يوماً. والتّفصيل في مصطلح: (نفاس).
12 - ذهب الفقهاء إلى أنّ الإجارة الّتي لا تنضبط المنفعة فيها إلا ببيان المدّة تذكر فيها المدّة، وليس لمدّة الإجارة حد أقصى عند جمهور الفقهاء. وإن وقعت الإجارة على مدّةٍ يجب أن تكون معلومةً. وإن قدّرت مدّة الإجارة بسنين ولم يبيّن نوعها حمل على السّنة الهلاليّة لأنّها معهودة في الشّرع. والتّفصيل في: (إجارة ف 94 - 97).
13 - إذا عجز الزّوج عن جماع زوجته وثبتت عنّته ضرب له القاضي سنةً بطلب المرأة, كما فعله عمر رضي الله عنه وتابعه العلماء عليه, فإذا مضت السّنة ولا إصابة علمنا أنّه خِلقي, فيفرّق القاضي بينهما. وتبدأ السّنة من وقت التّأجيل, والتّفصيل في مصطلح: (عنّة ف 6 وما بعدها).
14 - اختلف الفقهاء في مدّة تربص زوجة الغائب والمفقود قبل التّفريق بينهما على أقوالٍ ينظر تفصيلها في مصطلح: (طلاق ف 87 - 92, وغيبة ف 3, ومفقود).
15 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ التّصرية عيب ترد به المصرّاة, إلا أنّهم اختلفوا في مدّة الخيار على أقوالٍ تنظر في مصطلح: (تصريةٍ ف 8).
16 - يشترط لعقد المزارعة عند من يقول بمشروعيتها ولزومها من الفقهاء: أن تكون بمدّة معلومةٍ, فلا تصح المزارعة إلا ببيان المدّة, وأن تكون معلومةً, وأن تكون زمناً يتمكّن فيه من الزّراعة, فإن كانت زمناً لا يتمكّن فيه من الزّراعة فسد العقد, وأن تكون مدّةً يعيش فيها أحدهما غالباً. والتّفصيل في: (مزارعة). 17 - اختلف الفقهاء في المدّة الّتي يبقى فيها المحارب المصلوب على الخشبة بعد قتله: فذهب الحنفيّة في ظاهر الرّواية والشّافعيّة في الأصحّ إلى أنّها ثلاثة أيّامٍ, وقيّد الشّافعيّة ذلك بما إذا لم يخف التّغير أو الانفجار قبلها وإلا أنزل وجوباً. وقال الحنابلة: يصلب قدر ما يشتهر أمره، وعند المالكيّة ينزل إذا خيف تغيّره. (ر: حرابة ف 21). 18 - إذا التقط إنسان لقطةً وجب عليه, تعريفها سنةً أو مدّةً يغلب على ظنّه أنّ صاحبها لا يطلبها بعد ذلك, فإن كان ما التقطه ممّا لا يبقى عاماً ولا يبقى بعلاج ولا غيره - كالفاكهة الّتي لا تجفّف - فيخيّر بين أكله وبيعه وحفظ ثمنه, فإن ظهر صاحبه ضمنه له ولا يجوز إبقاء هذه اللقطة, فإن تركها حتّى تلفت ضمنها, وإن كان ممّا يبقى بعلاج أو غيره ففي ذلك تفصيل ينظر في مصطلح: (لقطة). 19 - اختلف الفقهاء في مدّة موادعة أهل الحرب ومهادنتهم على أقوالٍ تنظر في: (هدنة). 20 - يشترط الشّافعيّة في مدّة الأمان أن لا تزيد عن أربعة أشهرٍ في القول الصّحيح عندهم, وفي قولٍ: يجوز الأمان ما لم يبلغ سنةً. وللتّفصيل: (ر: مستأمن). 21 - إذا احتجر أرضاً للبناء ولم يبن مدّةً يمكن البناء فيها ولا أحياها بغير ذلك بطل حقه فيها. وللتّفصيل: (ر: بناء ف 12, وإحياء الموات ف 16). 22 - اختلف الفقهاء في مدّة الحضانة بالنّسبة لكلّ من الذّكر والأنثى. والتّفصيل في مصطلح: (حضانة ف 19). 23 - اختلف الفقهاء في قدر المدّة الّتي يجوز فيها نفي الولد: فقال الشّافعيّة - في القول الجديد - والحنابلة: إنّها على الفور, فلا يجوز التّأخير إلا لعذر وبما جرت به العادة, لأنّه شرع لدفع ضررٍ محقّقٍ فكان على الفور كالرّدّ بالعيب. وقال الحنفيّة: إذا نفى الرّجل ولد امرأته عقيب الولادة أو في الحال الّتي يقبل التّهنئة ويبتاع آلة الولادة صحّ نفيه ولاعن به, وإن نفاه بعد ذلك, لاعن ويثبت النّسب, ولو كان غائباً عن امرأته ولم يعلم بالولادة حتّى قدم له النّفي عند أبي حنيفة مقدار ما تقبل التّهنئة, وقالا: في مقدار مدّة النّفاس بعد القدوم, لأنّ النّسب لا يلزم إلا بعد العلم به, فصارت حالة القدوم كحالة الولادة. 24 - اختلف الفقهاء في مدّة حبس الجلالة, فقال البعض: تحبس النّاقة أربعين يوماً, والبقرة ثلاثين, والشّاة سبعةً, والدّجاجة ثلاثةً, وقيل: غير ذلك. والتّفصيل في مصطلح: (جلالة ف 3).
1 - المدرّس اسم فاعلٍ: من فعل: درّس - مضعّفاً - يقال: درّس يدرّس تدريساً: إذا علم, والمدرّس: المعلّم, والكثير الدّرس والتّلاوة في الكتاب, ويقال: درست العلم: قرأته, ودرست الكتاب درساً أي ذلّلته بكثرة القراءة حتّى خفّ حفظه عليّ. ودرست الرّيحُ الأثرَ والرّسم: محته, ويقال: درس الشّيء والرّسم: عفا وانمحى, ويقال: درّس النّاقة: راضها حتّى انقادت وسهل قودها. ومنه تسمية التّعليم تدريساً والمعلّم مدرّساً, كأنّ الكتاب يعاند الطّالب فيذلّل له المعلّم حتّى يسهل حفظه, كأنّه راضه. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. المعيد: 2 - المعيد: هو الّذي يعيد للطّلبة الدّرس الّذي قرءوه على المدرّس ليستوضحوه أو يتفهّموا ما أشكل. والصّلة بينهما هي أنّ المعيد عليه قدر زائد على سماع الدّرس من تفهيم الطّلبة ونفعهم وعمل ما يقتضيه لفظ الإعادة.
3 - وظيفة المدرّس وهي التّعليم, من آكد فروض الكفايات وأعظم العبادات, وأمور الدّين. وتفصيل ذلك في مصطلح: (تعلم وتعليم ف 5 وما بعدها).
4 - قال الحنابلة: إذا وقف واقف شيئاً على المشتغلين بالعلم استحقّ من اشتغل به فإن ترك الاشتغال زال استحقاقه، فإن عاد إلى الاشتغال عاد استحقاقه, لأنّ الحكم يدور مع علّته وجوداً وعدماً, وإن شرط الواقف في الصّرف نصّب النّاظر للمستحقّ كالمدرّس والمعيد والمتفقّهة أي الطّلبة بالمدرسة مثلاً فلا إشكال في توقف الاستحقاق على نصب النّاظر للمدرّس ونحوه عملاً بالشّرط, وإن لم يشترط الواقف نصب النّاظر للمستحقّ بل قال: ويصرف النّاظر إلى مدرّسٍ أو معيدٍ أو متفقّهةٍ بالمدرسة لم يتوقّف الاستحقاق على نصب النّاظر ولا الإمام, بل لو انتصب مدرّس أو معيد بالمدرسة وأذعن له الطّلبة بالاستفادة وتأهّل لذلك استحقّ ولم يجز منازعته لوجود الوصف المشروط أي التّدريس والإعادة, وكذا لو قام طالب بالمدرسة متفقّهاً - ولو لم ينصبه ناصب - استحقّ لوجود التّفقه. وصرّح الحنفيّة بأنّ المدرّس في المدرسة من الشّعائر كالإمام في المسجد, والشّعائر عندهم هي: ما لا تنتظم مصلحة الوقف بدونه، كعمارة الوقف, والإمام في المسجد والمدرّس في المدرسة, فيقدّم في صرف الغلّة عمارة الوقف, ثمّ ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام في المسجد والمدرّس في المدرسة, فيصرف إليهما بقدر كفايتهم. وقال صاحب البحر الرّائق: وظاهره تقديم الإمام والمدرّس على جميع المستحقّين بلا شرطٍ, والتّسوية بالعمارة يقتضي تقديمهما عند شرط الواقف: أنّه إذا ضاق ريع الوقف قسم عليهم الرّيع بالحصّة, وإنّ هذا الشّرط لا يعتبر. وتقديم المدرّس على سائر المستحقّين إنّما يكون بشرط ملازمته للمدرسة للتّدريس الأيّام المشروطة في كلّ أسبوعٍ, لهذا قال: للمدرسة, لأنّه إذا غاب المدرّس تعطّلت المدرسة من الشّعائر, بخلاف مدرّس المسجد فإنّ المسجد لا يتعطّل بغيبة المدرّس.
5 - إذا كان المدرّس يدرّس بعض النّهار في مدرسةٍ وبعض النّهار في أخرى, ولا يعلم شرط الواقف يستحق المدرّس في المدرستين عطاءه من غلّة الوقف. أمّا إذا كان يدرّس في بعض الأيّام في هذه المدرسة وبعضها في أخرى لا يستحق غلّتيهما بتمامها, وإنّما يستحق بقدر عمله في كلّ مدرسةٍ.
6 - قال الحنفيّة: إنّه ينبغي إلحاق المدرّس بالقاضي في أخذ ما رتّب له يوم بطالته واختلفوا فيها, وإن صحّ أنّه يأخذ لأنّها للاستراحة, وفي الحقيقة تكون للمطالعة والتّحرير, وفصّل البيري من الحنفيّة المسألة: فقال إن كان الواقف قد قدّر للمدرّس كلّ يومٍ درّس فيه مبلغاً فلم يدرّس يوم الجمعة والثلاثاء فلا يحل له أن يأخذ المبلغ, ويصرف أجر هذين اليومين إلى مصارف المدرسة من المرمّة وغيرها, بخلاف ما إذا لم يقدّر لكلّ يومٍ مبلغاً فإنّه يحل له الأخذ وإن لم يدرّس فيهما للعرف, بخلاف غيرهما من أيّام الأسبوع حيث لا يحل له أخذ الأجر عن يومٍ لم يدرّس فيه مطلقاً, سواء قدّر له أجر كلّ يومٍ أو لا. قال ابن عابدين: هذا ظاهر فيما إذا قدّر لكلّ يومٍ درّس فيه مبلغاً, أمّا لو قال: يعطى المدرّس كلّ يومٍ كذا فينبغي أن يعطى ليوم البطالة المتعارفة. وقال أبو اللّيث: ومن يأخذ الأجر من طلبة العلم في يومٍ لا درس فيه أرجو أن يكون جائزاً. وفي الحاوي: إذا كان مشتغلاً بالكتابة والتّدريس. وإن شرط الواقف على المدرّسين حضور الدّرس في المدرسة أيّاماً معلومةً في كلّ أسبوعٍ, فإنّه لا يستحق العطيّة إلا من باشر التّدريس, خصوصاً إذا قال الواقف: من غاب عن المدرسة تقطع عطيّته, ولا يجوز للنّاظر صرفه إليه أيّام غيبته اتّباعاً لشرط الواقف, وعلى هذا لو شرط الواقف: إن زادت غيبته عن مدّةٍ حدّدها أخرجه النّاظر وقرّر غيره: اتّبع شرطه, فإن لم يعزله النّاظر وباشر لم يستحقّ العطيّة وإذا لم يدرّس المدرّس لعدم وجود طلبةٍ في المدرسة: إن فرّغ نفسه للتّدريس بأن يحضر المدرسة المعيّنة لتدريسه استحقّ العطيّة.
7 - يشترط في استحقاق المدرّس في العطيّة الشروط التّالية: أ - أن يكون أهلاً للتّدريس, فإن لم يكن صالحاً للتّدريس فلا يعطى عطيّة المدرّس, ولا يحل له تناولها, ولا يستحق المتفقّهون المنزلون في المدرسة العطيّة, لأنّ مدرستهم شاغرة عن المدرّس, ولا يجوز للسلطان تنصيب مدرّسٍ ليس بأهل للتّدريس ولا يصح تنصيبه, لأنّ تصرف السلطان مقيّد بالمصلحة ولا مصلحة في تنصيب غير الأهل للتّدريس. والّذي يظهر أنّ الأهليّة بمعرفة منطوق الكلام ومفهومه وبمعرفة المفاهيم. ب - أن تكون له سابقة اشتغالٍ على المشايخ بحيث صار يعرف الاصطلاحات, ويقدر على أخذ المسائل من الكتب. ج - أن تكون له قدرة على أن يسأل ويجيب إذا سئل, ويتوقّف ذلك على سابق اشتغالٍ بالنّحو والصّرف بحيث صار يعرف الفاعل من المفعول إلى غير ذلك من مبادئ القواعد العربيّة, وإذا قرأ لا يلحن, وإذا لحن قارئ بحضرته ردّ عليه.
8 - نقل ابن عابدين عن البحر: استفيد من عدم صحّة عزل النّاظر بلا جنحةٍ عدمها لصاحب وظيفةٍ في وقفٍ بغير جنحةٍ وعدم أهليّةٍ, واستدلّ على ذلك بمسألة غيبة المتعلّم من أنّه لا يؤخذ حجرته ووظيفته على حالها إذا كانت غيبته لا تزيد على ثلاثة أشهرٍ, فهذا مع الغيبة فكيف الحضرة والمباشرة. وقال ابن نجيم - بعد ذكر حكم عزل الواقف النّاظر -: ولم أر حكم عزل الواقف للمدرّس والإمام اللّذين ولاهما ولا يمكن إلحاقه بالنّاظر, لتعليلهم لصحّة عزله بكونه وكيلاً عنه, وليس صاحب الوظيفة وكيلاً عن الواقف, ولا يمكن منعه عن العزل مطلقاً, لعدم الاشتراط في أصل الإيقاف, لكونهم جعلوا له نصب الإمام والمؤذّن بلا شرطٍ. وأفتى السبكي, وهو مقتضى قول النّوويّ كما قال الشّربيني الخطيب: بأنّه يجوز للواقف وللنّاظر الّذي من جهته عزل المدرّس ونحوه إذا لم يكن مشروطاً في الوقف لمصلحة ولغير مصلحةٍ لأنّه كالوكيل المأذون له في إسكان هذه الدّار لغيره, فله أن يسكنها من شاء من الفقراء, وإذا سكنها فقير مدّةً فله أن يخرجه ويسكن غيره لمصلحة ولغير مصلحةٍ. وقال البلقيني: عزل النّاظر من غير مسوّغٍ لا ينفذ ويكون قادحاً في نظره. وقال الزّركشي في خادمه: لا يبعد أن ينفذ وإن كان عزله غير جائزٍ, وقال في شرحه على المنهاج في باب القضاء: لا ينعزل أصحاب الوظائف الخاصّة كالإمامة والإقراء والتّصوف والتّدريس والطّلب والنّظر من غير سببٍ كما أفتى به كثير من المتأخّرين منهم ابن رزينٍ فقال: من تولّى تدريساً لا يجوز عزله بمثله ولا بدونه ولا ينعزل بذلك. قال الشّربيني الخطيب: وهذا هو الظّاهر.
أ - المدرسة في اللغة: موضع الدّرس, قال الرّاغب: درست العلم: تناولت أثره بالحفظ, ولمّا كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبّر عن إدامة القراءة بالدّرس, قال تعالى: {وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ}. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ.
تتعلّق بالمدرسة أحكام منها: أ - جمع الصّلاة للمنقطعين في مدرسةٍ: 2 - قال المالكيّة: ممّن لا يجمع بين الصّلوات جماعة لا مشقّة عليهم في فعل كلّ صلاةٍ في وقتها المختار, كأهل الزّوايا والربط, والمنقطعين بمدرسة إلا تبعاً لمن يأتي للصّلاة معهم من إمامٍ أو غيره, ومحل هذا إذا لم يكن لهم منزل ينصرفون إليه وإلا ندب لهم الجمع استقلالاً, وأفتى الإسناوي: بأنّ أهل المدارس المجاورة للمسجد يندب لهم الجمع في المسجد استقلالاً لما ثبت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جمع إماماً وحجرته ملتصقة بالمسجد ولها خوخة إليه. ب - الوقف على المدارس: 3 - ذهب الفقهاء إلى أنّ الوقف على غير معيّنٍ كالعلماء والغزاة والمساكين, أو على جهةٍ لا يتصوّر منها القبول كالمدارس والمساجد وما شابه ذلك لا يفتقر إلى قبولٍ من النّاظر, أو من المستحقّين لغلّته, لتعذر ذلك, ولأنّه لو اشترط القبول لامتنع صحّة الوقف عليه. 4 - وقال جمهور الفقهاء: ينتقل ملك الموقوف على المدرسة ونحوها كالمسجد والرّباط والقنطرة إلى اللّه تعالى بمجرّد الوقف, قال البهوتي: ينتقل ملك العين الموقوفة بمجرّد الوقف إلى اللّه إن كان الوقف على مسجدٍ ونحوه كمدرسة وما أشبه ذلك. قال الحارثي: بلا خلافٍ, وقال الشّربيني الخطيب: ولو جعل البقعة مسجداً, أو مقبرةً انفكّ عنها اختصاص الآدميّ قطعاً, ومثلها الرّباط والمدرسة ونحوهما. وخالف في ذلك المالكيّة حيث قالوا: إنّ الذّات الموقوفة باقية على ملك الواقف وإن كان ممنوعاً من التّصرف فيها بالبيع ونحوه, وليس للموقوف عليه إلا المنفعة المعطاة من غلّةٍ أو عملٍ, لأنّ الوقف هو إعطاء المنفعة, وقيل: إلا في المساجد لقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}, لكنّ الرّاجح الأوّل. والتّفصيل في: (وقف, مسجد). 5 - واتّفق الفقهاء على أنّ الوقف على المدرسة جهة قربةٍ. لعموم الأدلّة. وعليه فالوقف على المدرسة صحيح بلا خلافٍ حتّى عند من يشترط لصحّة الوقف ظهور قصد القربة فيه كالحنفيّة والحنابلة, أمّا المالكيّة والشّافعيّة فلا يشترط عندهم ذلك بل الشّرط عندهم أن لا يكون على جهة معصيةٍ كعمارة الكنائس ونحوه. 6 - واتّفق الفقهاء على أنّه إذا وقف الواقف مدرسةً وشرط في وقفها اختصاصها بطائفة أو بأهل مذهبٍ كالشّافعيّة والحنابلة, أو بأهل بلدٍ, أو قريةٍ أو بأفراد قبيلةٍ معيّنةٍ أو نحو ذلك خصّت بهم إعمالاً للشّرط, لأنّ نصوص الواقف كنصوص الشّرع وشرط الواقف كنصّ الشّارع. قال ابن عابدين: أي في المفهوم والدّلالة ووجوب العمل به ما لم تخالف الشّرع, لأنّه مالك, فله أن يجعل ماله حيث شاء, وله أن يخصّه بصنف من الأصناف أو بجهة من الجهات ما لم تكن معصيةً, وما لم يقع الاختصاص بِنَقَلَةِ بدعةٍ, قاله الحارثي من الحنابلة. والتّفصيل في مصطلح: (وقف). ج - في الوصيّة: 7 - قال الشّافعيّة: تصح الوصيّة لعمارة مسجدٍ أو مصالحه إنشاءً وترميماً لأنّه قربة, وفى معنى المسجد المدرسة ونحوها. د - في الارتفاق: 8 - قال الشّافعيّة: لو سبق فقيه إلى مدرسةٍ لم يزعج منها سواء أذن له الإمام أم لا, ولم يبطل حقه بخروجه لشراء حاجةٍ ونحوه, سواء أخلف فيه غيره أم متاعه أم لا, بخلاف ما إذا خرج لغير حاجةٍ. وقال الحنابلة: إن سبق اثنان فأكثر إلى مدرسةٍ ونحوها, ولم يتوقّف فيها على تنزيل ناظرٍ, وضاق المكان عن انتفاعهم جميعهم أقرع بينهم, لأنّهم استووا في السّبق, والقرعة مميّزة. هـ - بناء المدرسة بآلة المسجد: 9 - نصّ الحنابلة على أنّه لا يعمّر بآلة المسجد مدرسة, ولا رباط, ولا بئر, ولا حوض, ولا قنطرة, وكذا آلات كلّ واحدٍ من هذه الأمكنة لا يعمّر بها ما عداها. والتّفصيل في: (مسجد, وقف).
1 - المدرِك - بكسر الرّاء - في اللغة اسم فاعلٍ من أدرك الرّجل إذا لحقه, وتدارك القوم: لحق آخرهم أوّلهم, ومنه قوله تعالى في التّنزيل: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً}. والمدرك اصطلاحاً: هو الّذي أدرك الإمام بعد تكبيرة الإحرام. قال الحصكفي: المدرك هو من صلّى الصّلاة كاملةً مع الإمام, قال ابن عابدين: أي أدرك جميع ركعاتها معه, سواء أدرك معه التّحريمة أو أدركه في جزءٍ من ركوع الرّكعة الأولى إلى أن قعد معه القعدة الأخيرة, سواء سلّم معه أو قبله. كما يطلق الفقهاء لفظ المدرك على من أدرك جزءاً من الصّلاة في الوقت. أ - المسبوق: 2 - المسبوق في اللغة اسم مفعولٍ من السّبق, وأصله التّقدم. وفي الاصطلاح قال الجرجاني: هو الّذي أدرك الإمام بعد ركعةٍ أو أكثر. وعرّفه الشّافعيّة بأنّه: هو الّذي لم يدرك مع الإمام محلّ قراءة الفاتحة المعتدلة. والصّلة بين المدرك والمسبوق: أنّ كلاً منهما مقتدٍ بالإمام, غير أنّ المدرك مقتدٍ في الصّلاة كلّها والمسبوق مقتدٍ في بعضها. ب - اللاحق: 3 - اللاحق في اللغة: اسم فاعلٍ من لحق, يقال: لحقت به ألحق لحاقاً: أدركته. وفي الاصطلاح عرّفه الحنفيّة - وهو اصطلاح خاص بهم - بأنّه: من فاتته الرّكعات كلها أو بعضها بعد اقتدائه بعذر كغفلة وزحمةٍ, وسبق حدثٍ ونحوها, أو بغير عذرٍ بأن سبق إمامه في ركوعٍ وسجودٍ. والصّلة بين المدرك واللاحق: أنّ المدرك لم يفته شيء من الصّلاة مع الإمام, أمّا اللاحق فقد فاتته الرّكعات كلها أو بعضها مع الإمام.
4 - اختلف الفقهاء في وجوب الصّلاة على المدرك لوقتها بعد زوال الأسباب المانعة لوجوبها بأقلّ من ركعةٍ وهى: الحيض والنّفاس, والكفر والصّبا, والجنون والإغماء, والنّسيان والسّفر والإقامة, ونحو ذلك. ولا خلاف بين جمهور الفقهاء في أنّه إذا زالت هذه الأعذار, كأن طهرت الحائض والنفساء, وأسلم الكافر, وبلغ الصّبي, وأفاق المجنون والمغمى عليه, وتذكّر النّاسي, واستيقظ النّائم, وقد بقي من وقت الصّلاة قدر ركعةٍ أو أكثر وجب عليه أداء تلك الصّلاة لحديث: «من أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشّمس فقد أدرك الصبح, ومن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك العصر», ولحديث: «من أدرك ركعةً من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة», ولم يخالفهم في هذا إلا زفر حيث قال: لا يجب عليه أداء تلك الصّلاة إلا إذا بقي من الوقت مقدار ما يؤدّي فيه الفرض لأنّ وجوب الأداء يقتضي تصور الأداء, وأداء كلّ الفرض في هذا القدر لا يتصوّر, فاستحال وجوب الأداء. قال الكاساني: وهو اختيار القدوريّ من الحنفيّة. وأمّا إذا أدرك أقلّ من ركعةٍ فاختلف جمهور الفقهاء, فقال الحنفيّة - عدا زفر ومن معه - والشّافعيّة في الرّاجح عندهم والحنابلة: إذا زالت الأسباب المانعة من وجوب الصّلاة, وقد بقي من وقت الصّلاة قدر تكبيرة الإحرام أو أكثر وجبت الصّلاة, لأنّ الصّلاة لا تتجزّأ, فإذا وجب البعض وجب الكل, فإذا لم يبق من الوقت إلا قدر ما يسع التّحريمة وجبت التّحريمة, ثمّ تجب بقيّة الصّلاة لضرورة وجوب التّحريمة فيؤدّيها في الوقت المتّصل به, ولأنّ القدر الّذي يتعلّق به الوجوب يستوي فيه قدر الرّكعة ودونها, كما أنّ المسافر إذا اقتدى بمتمّ في جزءٍ من صلاته يلزمه الإتمام.
ونصّ الشّافعيّة على أنّه لا يشترط لوجوب الصّلاة أن يدرك مع التّكبيرة قدر الطّهارة على الأظهر, ولكن يشترط بقاء السّلامة من الموانع بقدر فعل الطّهارة والصّلاة أخف ما يمكن, فلو عاد المانع قبل ذلك كأن بلغ ثمّ جنّ لم تجب الصّلاة. وقال الحنفيّة: ما يتعلّق من الوجوب بمقدار التّحريمة في حقّ الحائض هو إذا كانت أيّامها عشراً, فأمّا إذا كانت أيّامها دون العشرة فإنّما تجب عليها الصّلاة إذا طهرت وعليها من الوقت مقدار ما تغتسل فيه, فإن كان عليها من الوقت ما لا تستطيع أن تغتسل فيه, أو لا تستطيع أن تتحرّم للصّلاة فيه فليس عليها تلك الصّلاة, حتّى لا يجب عليها القضاء. والفرق أنّ أيّامها إذا كانت أقلّ من عشرةٍ لا يحكم بخروجها من الحيض بمجرّد انقطاع الدّم ما لم تغتسل أو يمضي عليها وقت صلاةٍ تصير تلك الصّلاة ديناً عليها, وإذا كانت أيّامها عشرةً بمجرّد الانقطاع يحكم بخروجها من الحيض, فإذا أدركت جزءاً من الوقت يلزمها قضاء تلك الصّلاة, سواء تمكّنت من الاغتسال أو لم تتمكّن, بمنزلة كافرٍ أسلم وهو جنب أو صبيٍّ بلغ بالاحتلام في آخر الوقت فعليه قضاء تلك الصّلاة, سواء تمكّن من الاغتسال في الوقت أو لم يتمكّن. وذهب المالكيّة وهو قول عند الشّافعيّة إلى أنّه إذا ارتفعت الأسباب المانعة لوجوب الصّلاة وقد بقي من الوقت ما يسع أقلّ من ركعةٍ لم تجب الصّلاة, فيشترط عندهم أن يدرك بعد ارتفاع الأعذار قدر ركعةٍ أخفّ ما يقدر عليه أحد, لمفهوم حديث: «من أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشّمس فقد أدرك الصبح», ولأنّه إدراك تعلّق به إدراك الصّلاة فلم يكن بأقلّ من ركعةٍ. كما أنّ الجمعة لا تدرك إلا بركعة. قال المالكيّة: يعتبر إدراك أصحاب الأعذار بعد زوال الأعذار ومقدار فعل الطّهارة, وقال ابن القاسم منهم: لا تعتبر الطّهارة في الكافر, أمّا الشّافعيّة فلا يشترط عندهم أن يدرك مع الرّكعة قدر الطّهارة على الأظهر, فإن لم يبق من الوقت عقب زوال العذر زمن يسع الوضوء إن كان حدثه أصغر, أو الغسل إن كان حدثه أكبر - زيادةً على زمن الرّكعة - لم تجب الصّلاة عند المالكيّة.
5 - ذهب الشّافعيّة في الأظهر والحنابلة وهو قول جماعةٍ من السّلف إلى أنّه إذا ارتفعت الأسباب المانعة لوجوب الصّلاة في وقت صلاة العصر, أو في وقت صلاة العشاء وجبت صلاة الظهر في الصورة الأولى وصلاة المغرب في الثّانية, فإذا أسلم الكافر أو بلغ الصّبي قبل أن تغرب الشّمس وجب عليهما صلاة الظهر والعصر, وإن بلغ الصّبي أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض والنفساء قبل أن يطلع الفجر وجب على كلٍّ منهم صلاة المغرب بالإضافة إلى صلاة العشاء, لما روي عن عبد الرّحمن بن عوفٍ وعبد اللّه بن عبّاسٍ رضي الله عنهم قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة تصلّي المغرب والعشاء, فإذا طهرت قبل أن تغرب الشّمس صلّت الظهر والعصر جميعاً, ولأنّ وقت الثّانية وقت الأولى حال العذر, فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمه فرض الثّانية. وهذا في الجملة, إلا أنّهم اختلفوا في القدر الّذي يدرك به الثّانية: فذهب الشّافعيّة في الأظهر والحنابلة إلى وجوب الظهر مع العصر بإدراك قدر تكبيرةٍ آخر وقت العصر, ووجوب المغرب مع العشاء بإدراك ذلك آخر وقت العشاء, لاتّحاد وقتي الظهر والعصر, ووقتي المغرب والعشاء في العذر, ففي الضّرورة أولى, ولأنّ الثّانية تجب بإدراك هذا القدر فوجبت به الأولى, ولأنّه إدراك فاستوى فيه القليل والكثير, كإدراك المسافر صلاة المقيم. وقال المالكيّة: إذا ارتفعت الأعذار وهي الحيض والنّفاس والجنون والإغماء والكفر والصّبا والنّسيان وقد بقي من الوقت - أي وقت الثّانية - ما يسع أقلّ من ركعةٍ سقطت الصّلاتان, وإن بقي من الوقت ما يسع ركعةً فأكثر إلى تمام صلاةٍ واحدةٍ - إمّا تامّةً في الحضر, وإمّا مقصورةً في السّفر - وجبت الأخيرة وسقطت الأولى, وإن بقي زيادة إلى ذلك بمقدار ركعةٍ من الصّلاة الأخرى - إمّا تامّةً حضريّةً, وإمّا مقصورةً سفريّةً - وجبت الصّلاتان. قالوا: وبيان ذلك: أنّه إذا طهرت الحائض أو أفاق المجنون أو بلغ الصّبي أو أسلم الكافر وقد بقي إلى غروب الشّمس خمس ركعاتٍ في الحضر, وثلاث في السّفر وجبت عليهم الظهر والعصر, وإن بقي أقل من ذلك إلى ركعةٍ وجبت العصر وحدها, وإن بقي أقل من ركعةٍ سقطت الصّلاتان, وفي المغرب والعشاء إن بقي إلى طلوع الفجر بعد ارتفاع الأعذار خمس ركعاتٍ وجبت الصّلاتان, وإن بقي ثلاث سقطت المغرب مطلقاً على المذهب في السّفر والحضر, وعند ابن الحكم وسحنونٍ تسقط المغرب حال الإقامة ولا تسقط في السّفر وإن بقي أربع فعلى المذهب تلزمه الصّلاتان, وقيل: تسقط المغرب, لأنّه أدرك قدر العشاء خاصّةً. وأمّا مقابل الأظهر لدى الشّافعيّة فإنّه لا تجب الظهر والمغرب بإدراك قدر تكبيرةٍ في آخر وقت العصر والعشاء, بل لا بدّ من زيادة أربع ركعاتٍ للظهر في المقيم, وركعتين للمسافر, وثلاثٍ للمغرب على التّكبيرة على القول الأوّل, وعلى ركعةٍ على القول الثّاني, لأنّ جمع الصّلاتين الملحق به إنّما يتحقّق إذا تمّت الأولى وشرع في الثّانية في الوقت. وذهب الحنفيّة والحسن البصري والثّوري إلى أنّه: لا تجب على المدرك إلا الصّلاة الّتي أدركها, لأنّ وقت الأولى خرج في حال عذره فلم تجب, كما لو لم يدرك من وقت الثّانية شيئاً.
6 - اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة بناءً على أنّ الصّلاة هل تجب في أوّل الوقت أو في آخره ؟ فمنهم من يرى أنّها تجب في أوّل الوقت وهم الشّافعيّة والحنابلة, فكلّما دخل الوقت أو مضى منه ما يسع لأداء الفرض - على اختلافٍ بينهم - وجب عليه القضاء. فقال الشّافعيّة: لو حاضت المرأة أو نفست أوّل الوقت, أو طرأ على المكلّف جنون أو إغماء في أوّل الوقت, واستغرق هذا المانع بقيّة الوقت, فإن أدرك من الوقت قبل حدوث المانع قدر الفرض وقدر طهرٍ لا يصح تقديمه على الوقت كتيمم وجبت عليه تلك الصّلاة, فيقضيها عند زوال العذر, لأنّها تجب في ذمّته ولا تسقط بما طرأ بعد وجوبها, كما لو هلك النّصاب بعد تمام الحول وإمكان الأداء, فإنّ الزّكاة لا تسقط به, ويجب الفرض الّذي قبلها أيضاً, إن كان يجمع معها وأدرك قدره لتمكنه من فعلها, ولا تجب الصّلاة الثّانية الّتي تجمع معها إذا خلا من الموانع ما يسعها, لأنّ وقت الأولى لا يصلح للثّانية إلا إذا صلاهما جمعاً بخلاف العكس, وأيضاً وقت الأولى في الجمع وقت للثّانية تبعاً بخلاف العكس, بدليل عدم وجوب تقديم الثّانية في جمع التّقديم وجواز تقديم الأولى, بل وجوبه على وجهٍ في جمع التّأخير. أمّا الطّهارة الّتي يمكن تقديمها على الوقت فلا يعتبر مضي زمنٍ يسعها. وإن لم يدرك من الوقت قدر فعل الفرض وما يتعلّق به فلا وجوب في ذمّته لعدم التّمكن من فعلها, لأنّه لم يدرك من وقتها ما يمكنه أن يصلّي فيه, كما لو طرأ العذر قبل دخول الوقت, وكما لو هلك النّصاب قبل التّمكن من الأداء وهذا اختيار أبي عبد اللّه بن بطّة من الحنابلة. وقال الحنابلة: لو أدرك جزءاً من وقت الصّلاة ثمّ جنّ أو حاضت المرأة لزم القضاء - بعد زوال العذر - لأنّها صلاة وجبت عليه, فوجب قضاؤها إذا فاتته كالّتي أمكن أداؤها, وفارقت الّتي طرأ العذر قبل دخول وقتها: فإنّها لم تجب, وقياس الواجب على غيره غير صحيحٍ, قالوا: وإن أدرك المكلّف من وقت الأولى من صلاتي الجمع قدراً تجب به ثمّ جنّ, أو كانت امرأة فحاضت أو نفست ثمّ زال العذر بعد وقتها لم تجب الثّانية في إحدى الرّوايتين, ولا يجب قضاؤها. وهذا اختيار ابن حامدٍ والأخرى: يجب ويلزم قضاؤها, لإنّها إحدى صلاتي الجمع فوجبت بإدراك جزءٍ من وقت الأخرى كالأولى. وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ حدوث العارض أو العذر بعد إدراك الوقت وقبل فعل الصّلاة يسقط الفرض, وعلّل الحنفيّة ذلك بأنّ الصّلاة لا تجب في أوّل الوقت على التّعيين, وإنّما تجب في جزءٍ من الوقت غير معيّنٍ, وإنّما التّعيين إلى المصلّي من حيث الفعل, حتّى أنّه إذا شرع في أوّل الوقت تجب في أوّل الوقت, وكذا إذا شرع في وسطه أو في آخره فتجب في وسطه أو آخره, فإذا لم يعيّن بالفعل حتّى بقي من الوقت مقدار ما يسع أداء الفرض تعيّن ذلك الوقت للأداء فعلاً. قالوا: فإذا حاضت المرأة أو نفست في آخر الوقت أو جنّ العاقل أو أغمي عليه أو ارتدّ المسلم والعياذ باللّه, وقد بقي من الوقت ما يسع الفرض لا يلزمهم الفرض, لأنّ الوجوب يتعيّن في آخر الوقت إذا لم يوجد الأداء قبله فيستدعي الأهليّة فيه لاستحالة الإيجاب على غير الأهل ولم يوجد. وقال المالكيّة: المدرك لوقت الصّلاة إن حصل له عذر كالجنون والإغماء والحيض والنّفاس غير النّوم والنّسيان - قبل أداء الصّلاة - وقد بقي من طلوع الشّمس مثلاً ركعة سقط الصبح, وإن حصل والباقي للغروب أو طلوع الفجر ما يسع أولى المشتركتين كالظهر والعصر أو المغرب والعشاء وركعةً من ثانيتهما سقطتا, وإن كان أقلّ من هذا أسقط الثّانية فقط. ولا يقدّر الطهر في الإسقاط على المعتمد خلافاً للّخميّ.
7 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا أدرك المأموم الإمام وهو راكع وكبّر وهو قائم ثمّ ركع, فإن وصل المأموم إلى حدّ الركوع المجزئ قبل أن يرفع الإمام عن حدّ الركوع المجزي فقد أدرك الرّكعة, وحسبت له, وحصلت له فضيلة الجماعة وأدرك بها صلاة الجمعة لحديث: «من أدرك الركوع من الرّكعة الأخيرة يوم الجمعة فليضف إليها أخرى, ومن لم يدرك الركوع من الرّكعة الأخرى فليصلّ, الظهر أربعاً». أمّا الجماعة ذاتها فقد اختلف الفقهاء فيما تدرك به على مذاهب ينظر تفصيلها في مصطلح: (صلاة الجماعة ف 14).
1 - المدمن في اللغة: اسم فاعلٍ من أدمن, يقال: أدمن الشّراب وغيره: أدامه ولم يقلع عنه. قال ابن الأثير: مدمن الخمر هو الّذي يعاقر شربها ويلازمه ولا ينفك عنه. ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن معناه اللغويّ. المصر: 2 - المصر في اللغة اسم فاعلٍ من أصرّ على الأمر إصراراً: ثبت عليه ولزمه, وأكثر ما يستعمل الإصرار في الآثام, يقال: أصرّ على الذّنب. ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللغويّ, قال القرطبي: الإصرار هو العزم بالقلب على الأمر وترك الإقلاع عنه, وقال قتادة: الإصرار: الثبوت على المعاصي. والصّلة بين المدمن والمصرّ أنّ بينهما عموم وخصوص.
3 - نصّ الحنابلة على عدم قبول شهادة من يدمن على صغيرةٍ, وقالوا: إنّ من لم يرتكب كبيرةً وأدمن على الصّغيرة لا يعد مجتنباً المحارم. وعبّر الفقهاء عن الإدمان هنا بلفظ الإصرار. (ر: إصرار ف 1 - 2). قال الغزالي: آحاد هذه الصّغائر الّتي لا ترد الشّهادة بها لو واظب عليها لأثّر في ردّ الشّهادة, كمن اتّخذ الغيبة وثلب النّاس عادةً, وكذلك مجالسة الفجّار ومصادقتهم.
4 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا تقبل شهادة شارب الخمر وشارب كلّ مسكرٍ. وقيّد الحنفيّة عدم قبول شهادة شارب الخمر بما إذا أراد الإدمان في النّيّة, يعني يشرب ومن نيّته أن يشرب بعد ذلك إذا وجده, قال السّرخسيّ: ويشترط مع الإدمان أن يظهر ذلك للنّاس أو يخرج سكران فيسخر منه الصّبيان, حتّى إنّ شرب الخمر في السّرّ لا يسقط العدالة, فإنّ المتّهم بشرب الخمر في بيته مقبول الشّهادة وإن كان كبيرةً, وجاء في الفتاوى الهنديّة نقلاً عن المحيط: قال في الأصل: ولا تجوز شهادة مدمن السكر وأراد به في سائر الأشربة.
5 - ذهب الحنفيّة في الأصحّ والشّافعيّة على القول الرّاجح المختار والحنابلة إلى أنّ ثياب مدمني الخمر طاهرة ولا تكره الصّلاة فيها, لأنّه - كما قال صاحب الهداية - لم يكره من ثياب أهل الذّمّة إلا السّراويل مع استحلالهم الخمر فهذا أولى, وقال في الفتح: قال بعض المشايخ - مشايخ الحنفيّة -: تكره الصّلاة في ثياب الفسقة لأنّهم لا يتّقون الخمور, وقال جماعات من الخراسانيين من الشّافعيّة بنجاسة ثياب مدمني الخمر والقصّابين وشبههم ممّن يخالط النّجاسة ولا يتصوّن منها. وقال المالكيّة: ثياب شارب الخمر من المسلمين لا تجوز الصّلاة فيها عند تحقق النّجاسة أو ظنّها, لا إن شكّ في نجاستها فإنّه تجوز الصّلاة فيها تقديماً للأصل على الغالب.
6 - قال ابن عابدين: سئل ابن حجرٍ المكّي عمّن ابتلي بأكل نحو الأفيون, وصار إن لم يأكل منه هلك, فأجاب: إن علم ذلك قطعاً حلّ له, بل وجب لاضطراره إلى إبقاء روحه كالميتة للمضطرّ, ويجب عليه التّدريج في تنقيصه شيئاً فشيئاً حتّى يزول تولع المعدة به من غير أن تشعر, فإن ترك ذلك فهو آثم فاسق, ثمّ نقل ابن عابدين عن الخير الرّمليّ قوله: وقواعدنا لا تخالفه.
1 - المدهوش لغةً: من ذهب عقله حياءً أو خوفاً أو غضباً, وهو اسم مفعولٍ من دُهِش. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغويّ. المعتوه: 2 - المعتوه في اللغة: من نقص عقله من غير جنونٍ أو دَهَشٍ. وفي الاصطلاح: من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التّدبير. والمعتوه كالمدهوش في حكم تصرفاته.
تتعلّق بالمدهوش أحكام فقهيّة منها: أ - طلاق المدهوش: 3 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ زائل العقل غير المتعدّي بزوال عقله لا يقع طلاقه كالمجنون والمغمى عليه والنّائم وزاد الحنفيّة المدهوش. قال ابن عابدين: جعل المدهوش في البحر داخلاً في المجنون, وقال: سئل الخير الرّملي عمّن طلّق زوجته ثلاثاً في مجلس القضاء وهو مغتاظ مدهوش, فأجاب: بأنّ الدّهش من أقسام الجنون فلا يقع طلاقه إذا كان يعتاده بأن عرف منه الدّهش مرّةً, ويصدّق بلا برهانٍ. وقال: فالّذي ينبغي التّعويل عليه في المدهوش ونحوه إناطة الحكم بغلبة الخلل في أفعاله وأقواله الخارجة عن عادته, ككلّ من اختلّ عقله لكبر أو مصيبةٍ حلّت به أو لمرض, فما دام في حال غلبة الخلل في الأقوال والأفعال لا تعتبر أقواله وإن كان يعلمها ويريدها, لأنّ هذه المعرفة والإرادة غير معتبرةٍ, لعدم حصولها عن إدراكٍ صحيحٍ, كما لا تعتبر من الصّبيّ العاقل. (ر: طلاق ف 22). ب - سكوت المدّعى عليه لدهش عن جواب دعوى المدّعي: 4 - صرّح الشّافعيّة بأنّه إذا أصرّ المدّعى عليه على السكوت عن جواب الدّعوى لغير دهشةٍ أو غباوةٍ جعل حكمه كمنكر للمدّعى به ناكلاً عن اليمين, وحينئذٍ فترد اليمين على المدّعي بعد أن يقول له القاضي: أجب عن دعواه وإلا جعلتك ناكلاً, فإن كان سكوته لنحو دهشةٍ أو غباوةٍ شرح له, ثمّ حكم بعد ذلك عليه.
انظر: دين.
انظر: مصر.
|